يمثّل صندوق درّية النسوي ذروةَ مسارٍ طويلٍ من النضال والتعلّم والتقدير.
كانت مُزن حسن، مؤسِّسةُ صندوق درّية النسوي، قد أنشأَت منظّمةً نسويةً مستقلّةً في مصر، باسم نظرة للدراسات النسويّة. على مرّ السنين، ساهمَت نظرة إلى حدٍّ كبيرٍ في توسيع الخطاب النسويّ في المنطقة ورسم ملامحه، لاسيّما من خلال البحث المحلّي وإنتاج المعرفة، بالإضافة إلى توجيه المنظّمات النسوية الناشئة التي ظهَرَت بشكلٍ عضويٍ في أماكن نائيةٍ في مصر، بفضل تلاقي النساء والفتيات لمناقشة كيفيّة معالجة أشكال التمييز والاضطهاد المختلفة التي يتعرّضنَ لها يوميًا. بناءً عليه، برزَت فكرةُ إنشاء صندوق درّية النسوي ليكون وسيلةً للتواصل مع الناشطات النسويّات اللواتي لا يلائمنَ خانة "النسويّات المتأنّقات"، ولا يتمتّعن بشبكة اتصالاتٍ واسعةٍ في المنطقة. وبفعل الصعوبات المتزايدة التي كان على هذه المجموعات الناشئة مواجهتها للوصول إلى الموارد الضرورية لاستدامة عملها، تبلوَرَت فكرةُ صندوق درّية أكثر فأكثر، لتشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وفي الفترة عينها، حازَ كلٌّ من نظرة ومُزن، جائزة "رايت لايفليهود" (التي يُشار إليها غالبًا باسم “جائزة نوبل البديلة”)، فتَقرّر تخصيص قيمة الجائزة بكاملها لإنشاء صندوق درّية النسوي.
سبقَ إنشاء صندوق درّية النسويّ إجراءُ عددٍ من الأبحاث والدراسات عن صناديق النساء القائمة، ومعاييرها، ومدى توفّرها في المنطقة، وشروط الأهليّة والوصول إليها. كما جرَت مناقشاتٌ ومشاوراتٌ كثيفةٌ ومعمّقةٌ مع أبرز الناشطات النسويّات على الصعيدَين الإقليمي والدولي، ومع صناديق ومجموعاتٍ نسويةٍ شريكة، بهدف التفكّر في مدى ملاءمة صندوق درّية للواقع والاحتياجات على الأرض، وتوقيت إطلاقه، وتوجّهه الاستراتيجي.
ساهمَت هذه المقاربة التشاركيّة والتعلّمية في رسم أسُسِ صندوق درّية النسويّ، ليكون صندوقًا محلّيًا يجمع بين أهداف تقديم المِنَح، وتوفير التدريب والإرشاد، ونشر المعرفة.